مدنيون ينتفضون وإسلاميون ينتقدون!!

انتقد إسلاميون عراقيون تصاعد وتيرة الغضب الشعبي وارتفاع سقف مطالب الجماهير الداعية الى اصلاحات شاملة في جميع مفاصل الحكومة العراقية خلال التظاهرات التي لازالت مستمرة وللاسبوع الثاني على التوالي في وسط وجنوب العراق.

وطالب المتظاهرون بالعديد من الاصلاحات التي كان ابرزها اعادة كتابة الدستور وتنقية النظام القضائي وإقالة عناوين وشخصيات وزارية وبرلمانية بارزة وتقديمها للمحاكمة بقضايا فساد وهدر للمال العام.

وابدى الاسلاميون خشيتهم من ان تدار التظاهرات بأهواء علمانية و توجه حالة الغضب الجماهيري ضد رموز وشخصيات دينية تشغل احزابها مناصب حكومية مهمة، الامر الذي دعى الاوساط الثقافية التي تتقدم التظاهرات الى اعلان مخاوفهم من تلك الانتقادات وتاكيدهم مدنية التظاهرة وبرائتها من الانتماء لاي جهة كانت مبدين استيائهم خلال شعارات ولافتات نددت باستغلال الدين للوصول الى السلطة وهدر المال العام بعناوين اسلامية.
وكانت ساحة التحرير في العاصمة بغداد قد شهدت الجمعة الماضية، اعمال عنف ضد المتظاهرين على ايدي مجهولين ادى الى انسحاب التظاهرة بعد ان نزل الجيش لحماية المتظاهرين، وتعرضت كربلاء تزامنا مع ما شهدته بغداد الى صدامات بين الشرطة والمتظاهرون ادت الى اصاب الكثير من المشاركين بالتظاهرة، وبررت الاجهزة الامنية قمعها للمتظاهرين بوجود مثيري للشغب بين المتظاهرين من خارج كربلاء حاولوا اقتحام مبنى المحافظة تابعين لجهات لم تسمها.

وكانت مرجعية اية الله علي السيستاني اكبر المرجعيات الشيعية قد طالبت رئيس الوزراء حيدر العبادي بأن يكون أكثر “جرأة وشجاعة” في خطواته الاصلاحية، داعية اياه الى الضرب بيد من حديد لمن “يعبث” باموال الشعب، مناشدة القوى السياسية من مختلف المكونات ان تتنبه الى خطورة استمرار البلد على هذا الحال، موجهة الى ضرورة” مكافحة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية بشكل جاد”.
وحظي الوجود الاسلامي السياسي في الحكومة العراقية بأغلبية شبه مطلقة تشريعيا وتنفيذيا مستمداً بقاءه لأكثر من 12 عاما من نفوذا جماهيري واسع قبل الـ31 من تموز الماضي بداية التظاهرات، إلا ان انخفاض مستوى الخدمات الاساسية المقدمة للمواطن الى ادنى مستوى وارتفاع نسبة البطالة الى اكثر من الــ65% من عموم الشعب وتسجيل حالات فساد اداري ومالي كثيرة في مفاصل حكومية حيوية جعل هذا النفوذ يتراجع الى ادنى مستوى له، وبارتفاع درجات الحرارة في تموز الماضي ارتفعت وتيرة الغضب الشعبي معلنة بداية الانتفاضة على الفساد في مدينة البصرة التي سجلت مقتل احد ابنائها في مصادمات مع الاجهزة الامنية الامر الذي ألهب باقي المحافظات بتظاهرات حاشدة عفوية شكلت منعطفا حادا ادار البوصلة السياسية الى 180 درجة عكس توقعات السياسيين.
وعلى الرغم من ان رئيس الوزراء حيدر العبادي قدم ورقتي اصلاح استجابة لدعوات المتظاهرين شملت دمج خمس وزارات بأخرى وإلغاء مناصب المستشارين في الوزارات وتحديد مستشاري الرئاسات الثلاث بخمسة مستشارين لكل رئاسة بعد ان كان عددهم يفوق العشرات إلا ان هذه الاصلاحات لم ترضي عامة المتظاهرين الذي وصفها بعضهم بالخطوات الخجولة وعدها اخرون منهم مماطلة سياسية هدفها التستر على عناوين سياسية بارزة يشتبه بضلوعها بعمليات فساد كبرى.
وفي الوقت الذي دعت فيه الاوساط الثقافية والاعلامية الوطنية الى التجرد من الانتماءات المذهبية والفئوية والعنصرية وترجيح مصلحة الوطن والمواطن الذي بذل التضحيات الجسام بسبب المحاصصات والمناكثات السياسيين، أعرب مراقبون للشأن العراقي عن مخاوفهم من ان يتكرر المشهد المصري في العراق الذي عصف بحكم الاخوان المسلمين والذي تحولت فيه التظاهرات الى صراعا شعبي بين تيارات مختلفة من الشعب المصري.
ولاتزال الجماهير الغاضبة مستمرة باعتصاماتها ومظاهراتها اليومية في اقضية ونواحي تلك المدن مطالبين بإلغاء مجالس المحافظات التي تعد الحلقة الزائدة في النظام السياسي العراقي والمتسبب الاول في هدر المال العام للمحافظات بحسب مختصين.

وخشية ان يطالهم غضب المتظاهرون تبنى محافظي تلك المدن منهج اصلاحات تضمن اقالة عدد من مدراء الدوائر الخدمية الذين مضى على توليهم مناصبهم اكثر من اربع سنوات ومطالبة حكومة المركز بإلغاء مجالس المحافظات، وأقدم المتظاهرون بإغلاق مكاتب البرلمان وعدد من المجالس البلدية في مدنهم كرسالة واضحة على الغاء شرعيتها باسم الشعب.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *